الشريط الإخباري

عايدة” لكارول منصور وحلم العودة إلى يافا



سلوى فاضل

أنا من يافا وسأعود إليها ولو بعد 100 عام.. هذا ما أرادت المخرجة اللبنانية، الفلسطينية الأصل، كارول منصور قوله..
بكل أناة وصبر وهدوء، رغم دمعتها المؤلمة، وهي بطلة الفيلم بالتشارك مع والدتها الراحلة، تأخذنا كارول منصور إلى منزل سيدها (جدها) أي منزل أهل أمها، الذين خرجوا من بيتهم الجميل من يافا عام 1948 إلى برمانا بلبنان عبر البحر في سفينة، على أمل العودة بعد شهر فقط، وقد اعتبروا خروجهم القسري هذا كأنهم ذاهبون للسياحة.
لم تُدرك عايدة عبود المتزوجة من ميشال منصور (والدة كارول) وهي في العشرين من عمرها أنها تركت حلما ورائها، وأنها ستظل تعيش حلم العودة رغم مرور أكثر من سبعة عقود على التهجير..
وكانت عايدة قد اوصت بحرق جثتها ونثر الرماد على شاطىء يافا الجميل حيث كانت تستّجم في صباها.
بعد لبنان، حيث كانت موظفة بنك في فلسطين غادرت إلى كندا وحصلت على جنسيتها، لكنها لم تنسَ أنها إبنة يافا حيث أكدت لدائرة الجوازات الكندية أنها إبنة يافا في فلسطين، وأصرّت على تسجيل مسقط رأسها على الباسبور الكندي.
تستعيد كارول منصور ذكريات والدتها عبر الصور الجميلة التي تظهر حياة الرفاهية التي كانت تتمتع بها مع أهلها ورفيقاتها وكل تفاصيل العيش الجميل.
صور والدتها مع صديقات وأصدقاء ورفاق المدرسة والكنيسة والسهر، الأمر الذي يُظهر طبيعة المجتمع الفلسطيني الراقي والمتمدن، والذي لم يكن على مستوى واحد من قسوة التهجير، هو صور بل صورة لإمرأة مأساتها في خروجها من مسقط رأسها، لا إيديولوجيا ، لا شعارات، لا تساوق للأحداث مع أي نشاط مرافق لأي حادثة أو مجزرة، أو قتل، أو عنف.
حمل أهلها وأقاربها أموالهم معهم إلى لبنان، وأقاموا فيه. وصرفوا مالهم هنا كسياح عرب أغنياء، ربما نقلوها إلى بنوك لبنان كما الكثير من الأثرياء الفلسطينيين.
اللافت في الفيلم هو أن اليهود الفلسطينيين كانوا على وئام مع بقية أبناء بلدهم فلسطين.
تُكمل كارول شريط الصور بحوارات بعيدة الأمد مع والدتها التي تمر بمراحل ثلاث من استعادة الذكريات.. وتصل الولدة عايدة لأن تتمنى الموت، ورغم شيخوختها لا تنسى أبدا أسماء الجيران ولا شكل الحي، ولا أسماء المحال، ولا أي تفصيل، ذاكرتها مُتقدّة بحب يافا ولا شيء غير يافا.
جاءت عايدة إلى لبنان مع زوجها ميشال منصور، وتنقلت في المكان كثيرا، لكنها بالنهاية زُرعت في أرض يافا، في مدافن آل عبود، ونُثرت على شاطىء يافا الجميل، والأجمل هو وصول رمادها إلى جنينة منزلها حيث رشت صديقات إبنتها كارول المكلفات بالمهمة، رماد جثمانها في الأماكن الثلاثة هذه.
عادت عائدة بروحها إلى حيث عاشت 20 عاما بقياس الزمن، لكنهم 95 عاما روحية وعاطفية.
ما ميّز الفيلم الطويل (حوالي 75 دقيقة) هذا (عايدة) أنه ينقل لنا بالمباشر مشوارا داخل أحياء يافا القديمة ودخول صديقات المخرجة، الإبنة، إلى منزل آل عبود رغم احتلاله من قبل اليهود الصهاينة.. ويتحدث مع الفلسطينيين الباقين هناك..
تتحدث اليافاوية عايدة لغات ثلاث، تعلمتها في فلسطين قبل أن تتهجّر كما كل فلسطيني..
ختاما، كارول منصور إبنة عايدة عبود إبنة يافا قاومت بإسلوب توثيقي حيّ ما نعجز عن كتابته في دراسة كاملة.
هو توثيق شفهي وبصري حيّ يجب أن يحضره الرأي العام الغربي الذي يتعرّف الآن على القضية الفلسطينية بعد عدوان غزة 2023 بعد مرور أكثر 70 عاما على الاحتلال.

حول

موقع طيور البارد الالكتروني مجموعة مهتمة بالشأن الفلسطيني تعنى برفع سوية المجتمع والعمل التطوعي. توسعت أنشطة عملها مع اللاجئين و المجتمع الفلسطيني في كل العالم لجمع الشتات